Wednesday, March 23, 2016

نصف عقد على 24 آذار


هذا آخر عهدي بك
"أن المطالبة برحيل رئيس الوزراء هو مطلب متواضع وعديم الأهمية. الجميع يدرك، بأن الحكومة ليست أكثر من فزاعة يشبه تغييرها (رئيساً ووزراء) لعبة كراسي موسيقية فيها نوع من الاستخفاف بعقول الناس.
هذه أمثلة بسيطة من المطالب:
-الحد من نفوذ الدوائر المتعدية على صلاحيات الحكومة (الديوان والمخابرات كأمثلة)
-الحد من النفقات في قمة الهرم
-توضيح المبالغ المخصصة للديوان ووزارة الدفاع بحسب بنود واضحة
وتخفيض مخصصات المؤسسة العسكرية
-النأي بجلالة الملك عن الخوض في التفاصيل، خاصةً في المجالات التي تحتمل الصواب والخطأ، لحماية هيبة العرش."
١ شباط  ٢٠١١
7iber.com/2011/02/ne-degage-rien
.................
"بعد شهرين من الإحتجاجات والمسيرات والنقاشات وقفة سريعة تُراجع كيف تعامل الحاكم مع مطالب جدية ارتقت إلى مستويات غير مسبوقة.
-تغيير حكومي كاريكاتوري أعاد تدوير رئيس وزراء سابق
-خطاب تلفزيوني طال انتظاره لجأ إلى إستخدام لغة ومفردات تنتمي إلى مرحلة سابقة لم يأت بجديد
-تنظيم المسيرات “الكرنفالية” ونشر اليافطات الملونة في الميادين العامة تهنئ بعيد ميلاد مضى عليه شهر كامل وتعلن الولاء والانتماء
-تحويل ملفات قضايا فساد ضخمة (موارد، الكازينو، سكن كريم) إلى دائرة مكافحة الفساد والتي أشتكى رئيسها بأنها مؤسسة صورية بلا أدوات
-تثبيت أسعار المحروقات بدون الكشف عن الية تسعيرها أو مصير فوائض عائداتها
-مشروع جديد للموازنة لا يلتفت إلى المطالبات بإعادة النظر في وجوه الانفاق التي تشكل العبء الأكبر
لم تنجح المطالب المتواضعة من المطالبة بقوانين الانتخاب العصرية والعودة إلى دستور 1952 أو حتى الأسئلة العلنية الاكثر جرأة حول مسؤولية جلالة الملك من القرارت التي يتخذها وصولاً للأسئلة حول مصادر ثروة العائلة الحاكمة، لم تنجح للأسف في لفت نظر دوائر صنع القرار إلى الحاجة إلى نقلة نوعية في النظام السياسي الاردني تتعدى مجرد الاصلاحات.
١ آذار ٢٠١١
http://7iber.com/2011/03/i-dont-understand-you/
........................................
"أبرز نتائج نقاشات الاصلاح السياسي أنها أظهرت إلى السطح بديهية أن نظام الحكم في الاردن بشكل تطبيقه الحالي هو نظام حكم ملكي شمولي (أتوقراطي) فيه صانع قرار وحيد، معفي من كل تبعة ومسؤولية.
وحتى المؤسسات “الموازية” التي طالما ساد الإعتقاد بأنها مشارك رئيس في صنع القرار ليست سوى إمتداد لشخص الحاكم الأوحد، فرئيس الديوان وقائد الجيش ومدير المخابرات ليسوا أكثر من مجرد شخصيات خاضعة للإستبدال في أي لحظة مثلها مثل رؤساء الحكومات.
هذا النوع من الحكم القائم على نوع من التذاكي على الطريقة القذافية (أنا الحاكم الفعلي لكن ليس لدي منصب) أصبح غير مقبول في هذا العصر وفي بلد مثل الاردن.
فإما تراجع تدريجي بخطوات سريعة في دور الملك تجعله شخصية إعتبارية ذات أدوار محدودة في إيجاد توازنات معينة تحوله إلى شخصية رمزية وبروتوكولية بالكامل على الطريقة الاوروبية، أو أن يحصل الملك بشكل رسمي على صلاحيات رئيس جمهورية بشرط وضع قراراته أمام المُساءلة ومتابعتها ضمن قنوات دستورية.
الأصوات السخيفة التي تدعي أن الشعب الاردني غير قادر على تحمل تبعات تحديد صلاحيات الحاكم ونقلها إلى الشعب هي أصوات تستخف بهذا الشعب وبوعيه وفيها نوع من الاهانة؛ وكأن الاردنيين بمؤسساتهم وثقافتهم وتعليمهم ومجتمعهم المدني وبمجرد أن يحصلوا على خيار الخروج من تحت الحكم الفردي إلى صورة أكثر عصرية سيركضون إلى مخازن الأسلحة للإقتتال.
٩ آذار ٢٠١١
http://7iber.com/2011/03/the-only-demand/
................................
"مشاهد الاحتفال التي تلت “تحريردوار الداخلية” التي إختلطت فيها هذه الجموع من حاملي الهراوات وابطال الحجارة مع رجل الأمن بزيه الكامل الذي تعلوه حطة على الكتفين مع رجال مدنيين يحملون عصي مماثلة تماماً للتي يحملها رجال الأمن كانت مخيفة لدرجة جعلت فكرة “بلا إصلاح بلا زبالة” هي الفكرة الطاغية.
إذا كان الاردن أقرب إلى النموذج الليبي أو اليمني من ناحية القدرة على إحداث تغيير سلمي يحافظ على الرموز والانجازات مقابل الفوضى الكاملة، فلا يا عمي بلا إصلاح بلا بطيخ وخلينا على الأقل نحافظ على الوضع على ما هو عليه وبفرجها الله “من هون لخمسين سنة لحد ما نصير بني آدمين”.
لكن بعد زوال الشحنة العاطفية من الاحباط والخوف هناك ملاحظتين سريعتين:
-الطريقة التي تم فيها التعامل مع الموقف بتحشيد طرف ضد أخر وخلق تمثيلية “الصدام بين طرفين من وجهتي نظر مختلفتين” ومن ثم القيام بفض الاعتصام (بدون أدنى درجات المهنية) والاحتفال بذلك على مدى يومين تهدف إلى:
أ– خلق الانطباع أن مقابل كل شخص يطالب بالاصلاح على خجل (أو حتى يستجديه من الحاكم) هناك ألف شخص إن لم يكن أكثر (بين مدني وأمني وما بينهما) مستعد أن يدافع عن الوضع القائم بإستخدام كافة الوسائل وأقذرها. إذاً على هؤلاء الأقلية التي تطالب بالاصلاح أن “يقعدوا ويسكتوا” وإلا…فهم وما يطلبوه لا يمثلون الاردنيين. (تقزيم وتخويف).
ب – خلق الانطباع بأن صوت الشتائم هو الصوت الحقيقي للاردنيين وبإن أبناء الاردن الحقيقيين هم هؤلاء من يقذفون الحجارة ويلوحون بالعصي والسكاكين وحتى المسدسات في شوارع عمان وبالتالي خلق قناعة بأن الاردن ما زال بعيد جداً عن التغيير لجهل ابناؤه وتخلفهم، وأن الحل كالعادة هو بوجود حاكم أوحد عاقل حكيم يستطيع السيطرة على هذا الشعب الغوغائي ويسبقه “بمراحل”، بحسب جملة الوزراء المفضلة والمجترة. (إحباط وقبول بالامر الواقع).
-طريقة فض الاعتصام وغيرها من أحداث على مدى الاسبوعين الماضيين تثبت أن هذه المطالب تخيف النظام، مما يفتح السؤال حول إذا كانت هذه المطالب الإصلاحية تتعارض أصلا مع تكوين النظام وشكله.
فحتى أبسط الاصلاحات (إصلاح التعليم وقانون إنتخاب يفرز مجلس قادر كأمثلة) قد تكون ذات نتائج تهدد النظام بشكله الحالي، ناهيك طبعاً عن الاصلاحات الدستورية ومكافحة الفساد مثلاً التي تهدد أركان النظام ومكاسبها. وإلا ما هو سبب هذا القلق والتوتر والتخبط في التعامل مع تجمع صغير، إلا إذا كان النظام يجد في مطالبه واسلوبه وتنوع فئات المشاركين فيه خطر حقيقي.
٢٨ آذار ٢٠١١
http://7iber.com/2011/03/regime-in-crisis/
..........................................
عشان هيك مثل ما حكالي أبو حميد ومدير مخفر زهران وإمي:
"إنته تحديداً ما الكش خص"

Saturday, July 11, 2015

الرحلة الأولى لمخفر

في ظهيرة يوم سبت هادئ وسعيد، واحتفاءً بمرور مئة يوم على إعتزال مجمل "النشاطات البشرية"، قررت الذهاب في رحلة إلى مقهى.
حملت كتاب "حول التكنولوجيا، الغباء، والسعادة الدفينة في البيروقراطية"، ولوح الشطرنج (على أمل لقاء واحد من صديقين بالصدفة، (باعتبار أن كل محاولات اللقاء بالمواعيد المسبقة باءت بالفشل (آسف))، وتوجهت نحو الدوار الأول.
لم اتعدّ بضع خطوات بعد الدوار لألمح سيارة  رينج روفر سوداء تحمل لوحة مجلس نواب بدت مزورة. اقتربت من اللوحة الخلفية للتحقق فوجدتها معلقة على حاضنة بلا تثبيت. رفعتها لأجد تحتها لوحة بيضاء خصوصية نظامية، فشلتها. كررت الأمر مع اللوحة الأمامية، وزمّيت اللوحتين المزورتين وطفقت عائداً نحو الدوار على أمل تسليمهما للدورية المرابطة هناك، فلم أجدها.
ركبت تكسي، وعندما مررنا بمخفر زهران فكرت بالنزول هناك لتسليم اللوحات المزورة، ثم غضّيت النظر باعتبار أني وطيلة هذه السنين لم تطأ قدماي غرفة مخفر، وإبلش عاد سين وجيم (على طريقة المسلسلات المصرية)، وقلت لا بد من دورية على الطريق، سلّم وامشي.
نزلت عند كشك الشرطة السياحية في الشميساني، حيث وجدت شرطيين في قمة الضجر، سلمتهم اللوحات، فخفّ عقلهم. سجلوا معلومات الهوية وطلبوا مني الانتظار. إتصلوا مع ٩١١ حولهم على مخفر الشميساني حولهم على الأمن الوقائي حولهم على مخفر زهران حولهم على البحث الجنائي حولهم على مخفر زهران. عادوا القصة خمسين مرة. "الدولة حبالها طويلة" أفاد احدهم. أضاف أيضاً إنه "فيه واحد حكيت معو حمار ولو كنت مديره كان تفّيت بوجه. "
مرّت دورية بفورد كبيرة. عاد القصة. أخذوا الهوية. سجلوا المعلومات. الضابط إتصل مع ٩١١. طلع رقم النمرة مش مسجل أصلاً.
ضابط الدورية اقترح على شباب الشرطة السياحية تسجيل واقعة وتبليغ عمليات ادارتهم، فكان رد أحد شباب الكشك كالتالي:
"ولا بدنا ادارتنا تعرف بالموضوع. عمي احنا السياحية من شهرين فاضيين أشغال ما إجتناش قضية. إذا صارت قصة بتنبلش فيها الإدارة كلها أسبوع، وإحنا بدنا نروّح. بدنا نخلي مسؤولية"
***************
وصل شباب الأمن الوقائي بسيارة فورد صالون. أناقة وحضور ونظارات شمسية. بسرعة وفعالية، عادولهم الشباب القصة، أخذوا الهوية، سجلوا المعلومات.
 ولكسب الوقت توجه ثلاثتنا وبسرعة إلى الدوار الأول لضبط الرينج (حتى المذيعة إللي كانت بتصوّر لفضائية سخيفة عند الثالث ما كان "عندنا" وقت نوقف و-"نحقّق" معها، مع إنه واحد من الشبين كان إله ثلاث أرباع الخاطر، حتى صف وبدا ينزل لولا الثاني اقنعه إنه معناش وقت) . خلال الطريق حكينا عن موضوع الخرق الأمني، وسيارة "مراسم ٥" السياحية ذات اللوحات المزورة... إلي طلع همة ذاتهم،شباب أمن وقائي زهران، إللي ضبطوها.
تشاء الصدف أن يتزامن وصولنا إلى الدوار الأول مع استعداد ركاب الرينج للتحرك: عائلة صغيرة من أم وولدين كتاكيت بين سن ١٠-١٤ مع سائق أنيق، تجعلك تشعر بالندم بمجرد إدراك الحالة.
(ملاحظة هامشية كل شيء في هذا العالم، بلا فكنغ إستثناء... انتي كيلماتك بشكل مقرف... حتى الكلايماكسنغ ذاته).
نزلوا شباب  الأمن الوقائي حكوا مع المركز والسيطرة للتحقق من مالك السيارة بلوحتها البيضاء.. طلع نائب.
أجلس في المقعد الخلفي للفورد، تمر الدقائق كأنها تحمل حديداً بارداً (مقتبسة طبعاً). شباب الأمن بحكوا مع الأطفال والسائق وأنا بحاول اقرأ في الكتاب شوي، واتململ شوي، وبشعور مخبر رخيص مقرف، خاصةً لمّا الأطفال يطّلعوا عليّ. بلعب شوي بجيبة المقعد الخلفي، بلاقي حزام جلد وموس قرن غزال عدد إثنين.
يصل باص الأمن العام والدورية، وبرجع أبو حميد على الفورد، وبقولي بدك تتحمل معنا شوي وتكمّل معروفك وتسجل إفادة في...المخفر.
نزلت من السيارة فوضع شرطي يده على كتفي وفتح باب البوكس الخلفي على مصراعيه، فدار الحوار التالي:
-ممكن ما أطلع هون، وأركب جنبك.
-لأ.
-طب ممكن أروح أفرفر.
-إركب هسا.
وبس يا معلم. هيك وفي ظهيرة يوم سبت هادئ وجميل، أنا في بوكس شرطة بشبك حديد، مع كرسي بلاستيك وعلبة كوكاكولا فاضية وسجادة صلاة خضرا (وعرظ أختي)، وصوت عدة أقفال في طور التسكير بتطقطق بتناسق مرعب مع نفرات الشريان الصغير إلي بدوا ينط من أعلى راسي. وفي عندي حاجة ملحة جداً اني أفرفر....
(لا يعني بس ما هو جد حدث تاريخي! ما هذا السخف؟ أول مرة في بوكس الشرطة هيك؟ (مرة أخرى: انتي كليماتك بشكل بائس).
******************
وصلنا المخفر، ودخلته آمناً مطمئناً (نسبياً)، لا مطلوباً ولا مخفوراً، وطلب مني شرطي البوكس التوجه نحو مكتب "القضائية"، حيث تقابلت وجهاً لوجه مع ما أعتقد أنه "النظارة"...صندوق من قضبان أسخف من خم الجاج، وأجلس على المقاعد بمواجهته، وتمر الدقائق كأنها تحمل خرى الأردن كله... وأحاول أن ابحث في العشرين رقم المخزنين على التليفون عن أي إسم ممكن يروّحني عالدار خلال ٤٥ دقيقة، على الأكثر.
******************
في مكتب مدير المخفر، يجلس بالترتيب من على يمين الباب: الطفلان، السائق، واحد من شابيّ الأمن الوقائي، مدير المخفر وعلى الكنبة الثانية إلى يمينه شب ببنطلون رياضة لمّيع وبلوزة بولو بيضاء، (وبدون أحكام مسبقة وتنميط (تبين إنه)) أزعر. يقرّعني مدير المخفر باعتبار أن ما اقترفته عمل غير قانوني وغير مسؤول ولا يمكن تبريره، فحتى الشرطي عندما يشهد واقعة يطلب قوة تحقيق ومساندة ولا يتصرف بمبادرة شخصية. حاول الشاب الأزعر المشاركة بالتوبيخ فطلبت منه توجيه الكلام لمدير المخفر وعدم التعاطي معي. رفع بوجهي قطعة بلاستيك مكتوب عليها "الأمانة العامة لمجلس النواب" واصر انه موظف رسمي بمهمة رسمية.
أعلن الشب الأزعر وبحضور أن النائب يصر "شخصياً" بأن يشتكي (مع إيماءة تقليع مع كلمة يشتكي) ضد هذا الأمر الخطير الذي يهدد أمن البلد.  ومن ثم دار الحوار التالي (حرفياً):
-مدير المخفر: شو كنت بتعمل بشارع الرينبو؟
-الشب الأزعر: بِفرِّغ طاقات.
-مدير المخفر: إنت مفطر؟
-أنا: آه.
-مدر المخفر: ليش؟ إنت مسلم؟
-أنا: بركض مسافات طويلة والصيام بأثر على تمريني.
مدير المخفر: بس هيك؟!
أنا: ممكن احكيلك انه عندي مشاكل بالقولون، بس آه، هو بس هيك.
-الشاب الأزعر (مستشعراً بحنكة وخبرة فرصة ذهبية لفض الطابق): طب سيدي ممكن اطلب منك إنه احنا ناخذ النمر ونروّح،
 وإحنا بدناش اشي غير انه الله يشفيه. بندعيله الله يشفيه.
-مدير المخفر (ضاحكاً ملء النواذج): فيه شيخ شيعي عندو فتوى إنه إذا بتمشي عشرين كيلو باليوم أفطر عادي.... هعهع.
-أنا: اه جد. والله فتوى لا بأس بها.
مدير المخفر: بقلك شيخ شيعي... هعهع.
-الشاب الأزعر: لا احنا بدناش اشي. الله يشفيه. وبنروّح سيدي.
مدير المخفر (ضاحكاً وشوي مستخفاً بالشاب الأزعر): بدنا نشوف غازي بيك شو بقول.
يطلب الهوية. يطللب الإسم الثلاثي. يتصل بغازي بيك.
-استنى بغرفة الانتظار.
******************
في غرفة الانتظار تمر الدقائق كأنها يلعن أخت آلهة البشرية كلها. وكل دقيقتين بمر عليك شرطي مراهق بيسأل شو القصة. مرّات بالانجليزي. بسجلوا بيانات.
 وبعدين بنادي مدير المخفر:
"إسمع تأحكيلك...
إذا بتشوف حد بركّب قنبلة نووية وبدو يفجّرنا كلنا... ما الكش دخل... ماشي؟
تتدّخلش. ما تحكيش حتى تبلّغ. ما الكش علاقة.
بحبسك. والله بحبسك.
خلّيك بفطورك وبمشيَك.
وِصلَت؟
-وصلت يا بيك.

 نتشت الهوية من على مكتبه...سلّمت على الولدين وقلتلهم آسف عالتأخير.
مدّ الشب الأزعر ايده يسلم سحبت ايدي وقلتله "لا عفواً إنته بلاش" (انها الانتصارات الصغيرة بعد ما شخيت على حالي)،
وركض على أقرب تكسي، وعالبرندة يا معلم.
*********
وعرظ أختي ما إلي علاقة ... وعد شرف.
 مثل ما بده صايل بيك بالمخفر، ومثل ما نصحني نايف بيك بالدائرة... على راسي والله....

وبكرا تمرين هامسترينجز تسفيح، مع ١٦ كيلو بساعة وربع... بعون الله. 






Thursday, January 15, 2015

The Small Circle Jerk

This is NOT another dig on startups, small businesses and the entrepreneurship world.
We are close to the point where complaining, mocking and belittling the entrepreneur is becoming more annoying and obnoxious than the entrepreneur himself - something that was once scientifically proven to be impossible.

It’s nobody’s fault. This ‘business model’ is part of the system, just like any other job or occupation. And everyone is joining in the entrepreneurship (back) stroking ring: governments, big corporations, public figures, college dropouts, conference organizers, made-up awards festivals, programmers, gamers, anyone who has ever used a computer, pharmacy-chain owners, kids of government officials, ex-government officials and philanthropists.
Everybody has the right to play the lottery, and everybody who has ever played the lottery had a formula to win it. So we need to accept theoe people who are just trying to make a living, like everyone else. 

However, someone sneaked in between the entrepreneur and his beloved investor to form a small circle within the circle, a party that was supposed to be factual and impartial compared to the delusional world of the above: The content generator!


[Entrepreneur starts a marginal project. Attracts investor. Reporter looks for a feel-good business story, features start-up from a positive perspective hiding and spicing up some facts, entrepreneur shows article to investor, investor shares article, and journalist shares big-time investor’s share. More investors invest. More reporters report. Project grows, hypothetically. Everyone is satisfied.]


 How do you go from being a massive multi-platform game-changing super-innovative unprecedented project to complete disappearance in less than three years?(Company's Akhtaboot profile is the only remaining evidence that it once existed). 
Well, that’s what happens when the whole thing had been a scam from the first minute till oblivion. It was beyond obvious to any moron who has invested five minutes to learn anything about the project that this is where it was heading! There was absolutely no doubt that it was a facade with nothing behind it.
But, let’s not ruin a good story, even if the story is full of holes, inaccuracies, and blatant lies. That particular project managed to attract investment from a governmental body, using public money, and everyone who has participated in polishing up that project, and every reporter who took every word that the man behind it had said as a fact, is a sad contributor to the scam.

Foreign journalists are not much better. They may be even worse, sensationalizing every marginal project with an outdated and overrated sense of astonishment: “Wow, I can’t believe these people in the Arab world know how to use a computer, let alone make Youtube videos!”. Everything that happens in this part of the world is a courageous miracle from the perspective of an Ohio University journalism grad, who would use his free time in between Zaatari trips to throw in a cute little “entrepreneurship” story. 

Take this for an example:

"With war taking the lives of thousands just across the borders, Yaseen Yacoub aims to give a new perspective to the concept of creating life. The first company of its kind in the Arab world and the Middle East specialized in producing condoms... with a local flavor. In an area where premarital sex and birth control are still considered taboo subjects, an innovative and fearless project is literally, born. “This project is a thin shield that helps take our mind of the violence ravaging our region,” says an emotional Yeseen, “and we hope that what we look for in the sense of protection, safety and, most importantly, love is transpired through it.”

Wait there is more:

"Yasseen, founder and CEO, explains how the idea of “Balaleen” came up to him: “I was in line at a pharmacy when I noticed that all the condoms on display had things like “strawberry” and “cherry” flavors, and it just occurred to me that none of these flavors is Jordanian! Where is the local flavor? Where are our beloved Zaatar and Jameed aromas in OUR contraceptives?”." 

And, of course, no internationally-acclaimed story can be published without this part:

As we sit at Amman’s most famous downtown restaurant, a modest Hummus shop regularly frequented by the royal family itself, Yisin looks at the plate of Fava beans drenched in Tahini known as Fool Masri - a Hashem specialty, he looks at me, then looks down with deep eyes penetrating through the clay bowl, he exhales with a smile: “I think the world should get ready to receive the gift of the Fool-flavored fellatio.”.

And the closure with a “bang”:

For the future plans, Yasin ( sees unlimited growth potential with a solid end. “We are currently working on the Oud-scented condom line that would open the market for us in Saudi Arabia, an essential market. Next, the Arabic-calligraphy-inscription line featuring funny sexual puns from colloquial Jordanian to old classical poetry. This should be a great hit with the teenagers and the 25-35 age group of ‘Westernized’ Ammanis, who has suddenly discovered their cool Arab cultural roots.We have also signed a deal with three major Bangkok brothels to be their exclusive providers.”
From Bangkok to Istanbul this seems to be a start-up ready to stretch and expand, as it seems that it has developed some sort of a cult following, oddly enough, within the transsexual prostitution community in Turkey. “We got a brand acquisition offer from OK, the market leader in Turkey, but we prefer to blow up on our own terms.”
At any part of the world, that would be a nice little pun. But in this part of the world blowing up can take a whole new definition, and we just hope that it is always blowing up the Balaleen way, not the other way.”
Bam. That’s how you write a Middle Eastern business story, folks.  All boxes checked. Now cut my check.

So, as a reporter, you are not exactly asked to be delve into investigative journalism every time you want to write a 800-word mini feature. But if someone claims they sold one million anything, make sure you know at least one person who owns the product. If someone is pushing a copy of a popular app with localized feature, just download it and make sure it is at least semi functional. If someone is launching a “portal”, check the website and make sure it is not just another copy-paste "news agency", and as a rule of thumb, never put too much weight on Alexa rankings. For someone claiming to be covering business and economy, there are way more important numbers that you are just ignoring to to focus on jolly narrative and empty rhetoric. 


As an entrepreneur, again, it is everyone’s dream to buy an Aeron chair and hire 5-12 fresh graduates for 250-400JD a month to occasionally yell at them, while travelling around for free. Great. Everybody is wishing you luck, and nobody is jealous of your empire in the making, yet.

It is just that if you take it a little bit easy on the continuous (to quote the great Magary) self – aggrandizing masturbatory act. You will be much more lovable and gain more support. Unless this is exactly what your brand happens to be, self-promotion, without any real project to back it up, then congratulations, your mission was accomplished.(PS: Also, make sure that the reporter above spelled your name consistently throughout the disjointed 800 words, before shoving the article in everyone’s face.)As for the the investor, we just can’t complain. Rich people have expensive hobbies and we are just grateful that some chose this thing as theirs.
So if any of you  is reading this, let me introduce you to an idea for a mobile device application destined to end religion-based conflict in the world forever. 
And no I don’t mean a condom 
مكتوب عليه بخط النسخ 
وتكبر في عين الصغير صغارها 
 



Wednesday, September 04, 2013

نظام نيابي

مسرحية من فصل واحد منقولة بالحرف من محضر الجلسة الأولى لمجلس النواب الأردني الثاني عشر ١٩٩٣
تفضل ‏السيد عبد الرؤوف الروابدة

هناك كفاءتان ماليتان لهما تجربة جيدة في هذا المجلس أتوجه اليهما برجاء، أن ينضما الى هذه اللجنة ، وهما معالي الدكتور عبد الله العكايلة ومعالى الدكتورعبد الله النسور

أصوات : نثني على ذلك ‏

دولة رئيس المجلس : هناك تثنية على ذلك

 ‏الدكتور عبد الله النسور : ‏سيدي الرئيس أعتذر عن قبول عضويتي في هذه اللجنة

 ‏الدكتور عبد الله العكايله : ‏نريد أن نفسح المجال للزملاء الله يرضى عليك

 ‏دولة رئيس المجلس : ‏الأمر راجع لأصحاب العلاقة ، الدكتور ابراهيم . ‏
الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني : ‏أنا أعجب من اعتذار عبد الله وعبد الله عن اللجنة المالية ، أعجب .!!! إذا أردت أذ تخدم الأمة ولم تخدمها باختصاصك فبماذا تخدمها ؟
 دولة رئيس المجلس : صحيح ، الشيخ حمزة ‏يا سيدي
حمزة منصور): الأخوان الكريمان عطاؤهما مميز في هذه اللجنة وفي غيرهما ، لكن في هذه اللجنة بشكل خاص . أتمنى عليهما أن يقبلا عضوية هذه اللجنة ويأخذا موقعهما الطبيعي، وإلا فهما حران في اختيارها . . وشكرا
 دولة رئيس المجلس: ‏دكتور عبد الله ودكتور عبد الله سامعين الكلام ، فيه تغيير بالرأي ؟
 ‏الدكتور عبد الله العكايلة : ‏أنا لا أرغب أن أكون في هذه اللجنة ولا في غيرها دولة الرئيس
 ‏دولة رئيس المجلس : دكتور عبد الله النسور
 ‏الدكتور عبد الله النسور : أنا زي العكايلة
 ‏دولة رئيس المجلس : ‏منذ متى صرت مثل العكايلة ؟
 ‏الدكتور عبد الله النسور : عنده دين
 دولة رئيس المجلس : ‏على كل حال ، الشيخ عبد المنعم 
السيد عبد المنعم أبو زنط : بسم الله الرحمن الرحيم ‏الشعب الكريم انتخبنا لنمثله كل حسب تخصصه أولا ثم نكون أسرة في التمثيل تحت هذه القبة . فأصحاب الاختصاص هم على عقد ملزم مع الشعب ، ولا يحل لهذين العضوين أو غيرهما بموجب الاختصاص أن يفسخا العقد الذي عقدوه بينهم وبين الشعب. ‏لذلك دفاعا عن حق الشعب أقول يلزمان
‏بعضوية هذه اللجنة . . .وشكرا
 ‏دولة رئيس المجلس : السيد عبد الهادي
 السيد عبد الهادي المجالي : ‏شكرا دولة الرئيس . ‏الواضح من هذا النقاش أن المجلس يجب أن (يترجى ) ‏شخص معين ، إن لم يكن لدى الشخص الرغبة وله محبة في العمل فلا يجوز أن يتم الرجاء له. نحن نقترح ويوجد  كفاءات في هذا المجلس ويتم هذا العمل على ضوء ما يقترحه الأخوان، وإذا لم يكن لدي الرغبة أن أعمل مع بقية الأخوان فلا يجب أن نضغط على شخص لا يريد أن يعمل مع هذه اللجنة . . . وشكراً
دولة رئيس المجلس : ‏الشيخ عبد الرحيم المتحدث الأخير، إذا سمحتم بدنا نصوت على اللجنة
السيد عبد الرحيم عكور : ‏شكرا دولة الرئيس . ‏أنا استغرب بعض الطرح من بعض الأخوان أنه اذا ما نزل في اللجنة المالية معنى ذلك أنه فسخ العقد ،هذا كلام غير مقبول ‏ ‏لأن الأخ عبد الله وعبد الله سيكون لهما باع في نقد الموازنة حينما تقدم من الحكومة سيمارسا دورا متميزا، في تقديري ، لمعرفتهما في موضوع الموازنة، وبالتالي سيكون لهما وجود أكثر من وجودهما داخل اللجنة . . . وشكرا
 ‏دولة رئيس المجلس: يا إخوان قرأت الأمانة العامة ثلاثة عشر اسما، من يريد أن يضيف نفسه شخصيا على هذا الأمر؟
 ‏الدكتور نادر أبو الشعر : أنا دولة الرئيس
 ‏دولة رئيس المجلس : ‏لكن أنت عضو في لجنة أخرى
 ‏الدكتور نادر أبو الشعر : انسحب منها

 دولة رئيس المجلس : طيب، الدكتور نادر أبو الشعر في اللجنة المالية . فيه أحد يريد أن يضيف اسمه؟ إذن صارو (14) اسم، هل توافقون على ذلك؟ موافقة . الآن اللجنة القانونية.  

Saturday, November 17, 2012

الملك يصارح الشعب ويفند الإشاعات والإفتراءات *


جلالة الملك يتحدث بمنتهى الصراحة والمكاشفة حول القضايا المثيرة للجدل 

"بلدنا اليوم يواجه تحديات هائلة وفي الوقت نفسه أمامنا فرص كبيرة لم تكن متاحة لنا من قبل، فرص يمكن أن تساعدنا في حل بعض المشاكل التي نعاني منها منذ فترة طويلة، وتساعد أيضا في التخلص من آثار وتداعيات هذه المشاكل نهائياً.

هناك ثلاثة تحديات رئيسية: الأسعار، الأسعار، الأسعار. وبالطبع لدينا تحديات رئيسية أخرى مثل البطالة، والفقر، والمديونية، ولكن من الإنصاف أن نقول أن الأسعار المرتفعة هي التي تشغل بال كل واحد منا. ففي كل يوم، تظل الأسعار قضية تستحوذ على تفكيري، وتقلقني كثيراً لما تمثله من تحد هائل لغالبية الأردنيين، وتثقل كاهلهم.  فهذه مشكلة يعاني منها العالم بأجمعه، والعالم النامي الذي نشكل جزءا منه هو الذي تلقى الضربة الأشد والأقسى.

وليس هناك حكومة في العالم حسب علمي تمكنت من إيجاد الحل المناسب في المدى القصير لحماية مواطنيها وتحصينهم في وجه الأسعار المرتفعة، وأي شخص يقول عكس هذا فهو غير منصف في قوله. ولكن هناك إجراءات على الحكومات أن تقوم بها على المدى القصير لتخفيف تأثير الأسعار. وهنا في الأردن فقد بدأت الحكومة بتنفيذ حزمة من الإجراءات التي تحمي المواطن من تداعيات غلاء المعيشة...وقامت الحكومة بالتدخل في السوق لدفع أسعار السلع الأساسية إلى الإنخفاض إلى أقصى حد ممكن...وأنا أول من يعترف بأن هذا ما زال ليس كافيا وأننا بحاجة إلى القيام بالمزيد، وسنقوم بعمل المزيد، إن شاء الله.

الارتفاع في الأسعار سبب كثيراً من عدم الرضا لدى الناس، وشكل أرضية خصبة لتصديق الأكاذيب والإشاعات، ومن هنا فإن هناك فئات ومجموعات مختلفة تستغل عدم الرضا هذا لفرض ونشر أجنداتها السياسية. فعلى سبيل المثال نرى الآن أن من يعارض الانفتاح الاقتصادي هم الأعلى صوتا في نقدهم لسياسات الحكومة الاقتصادية بالرغم من أنه ليس لديهم اي بديل عملي، ولا يستطيعون أن يقدموا أي بديل أو نموذج في أي مكان في العالم.
إن نقد السياسات الحكومية في الأوقات الصعبة واستعمال هذا من أجل أجندة معينة لمجموعة من الناس أمر مقبول يحدث في جميع أرجاء العالم. ولكن استعمال أكاذيب مكشوفة وإشاعات صبيانية، تعيق مسيرتنا نحو التقدم، هو أمر غير منصف وغير مقبول على الإطلاق.

وبالرغم من أننا نعاني، مثل معظم الدول في ارجاء العالم، من مشكلة ارتفاع الأسعار، فإننا في الواقع في وضع أفضل بكثير من العديد من بلدان العالم والتي لها موارد طبيعية أكثر مما لدينا. فنحن لدينا علاقات قوية مع إخواننا في دول الخليج التي تشهد طفرة مالية نتيجة لارتفاع أسعار النفط...
والحمد لله لمسنا بشكل جدي الرغبة القوية لدى أشقائنا في الخليج، لمساعدة الأردن، وأنا فخور وشاكر لهم بهذا...لدى أشقائنا في الخليج اليوم إمكانات كبيرة ونية صادقة وإرادة مخلصة لمساعدتنا. وليس هناك شك في أنهم يقدمون المساعدات الاقتصادية للموازنة العامة، وخاصة المملكة العربية السعودية الشقيقة التي وقفت إلى جانبنا خلال السنوات الماضية وقفة مشرفة. وعلاوة على ذلك فإن بإمكان الأشقاء في الخليج العربي مساعدتنا أضعافا مضاعفة من خلال الاستثمار.

عندما نتحدث عن استثمارات كبيرة لم نعتد عليها تاريخيا في الأردن، فإن الناس يبدأون بصورة أوتوماتيكية، بالتحدث عن الفساد. وهذا أمر طبيعي. وأيضا، فإن السرعة التي تتصرف بها الحكومة أحيانا من اجل جذب الاستثمار العربي وخاصة الخليجي قد تفاجئ المجتمع وتسبب الكثير من الكلام. ولكن من الأهمية بمكان لشعبنا الأردني أن يتفهم أن هذه الحاجة إلى السرعة ترتبط بصورة مباشرة بالحاجة إلى استثمار عوائد بيع النفط بسرعة لتعظيم عوائدها. وسواء رضينا أم أبينا، فهذا هو الأسلوب الذي يتبعه العالم في عمله. والبلدان التي تتعامل مع هذه السرعة ستفوز، وتلك التي تتأخر عن الركب وتسمح للبيروقراطية المعقدة أن تقف في طريق تحركها ستفشل. إن جميع البلدان في ارجاء العالم وفي المنطقة تتنافس لجذب الاستثمارات الخليجية، ومثلما قلت سابقا لن ينتظرنا أحد. وهذا لا يعني أن الاستثمار يجب أن يكون على حساب الشفافية. قطعا لا.

انا إنسان طموح وخاصة عندما يتصل الأمر بالأردن، وأعتقد أنه يمكننا الحصول على الاثنين معا. ولكن أولا كمجتمع علينا أن نتجاوز بعض العوائق التي تشوش عقلنا وتفكيرنا، وأن نتخلص منها بصورة نهائية. علينا أن نؤمن أن الاستثمار الأهلي الوطني والأجنبي أمر جيد لبلدنا وشعبنا، وكذلك التخاصية، وهناك البعض الذين يضعون مثل هذه المفاهيم الأساسية موضع التساؤل، وهذا في الواقع يبطىء مسيرتنا. فجميع الدول في العالم تطبق برامج للتخاصية، وجميع الدول لديها استراتيجيات لترويج الاستثمار، وجميع الدول تبيع أصولا مملوكة للدولة مثل الأراضي لتشجيع التنمية. فإذا ما اتهمنا الحكومة في كل مرة تقوم فيها بمثل هذه النشاطات، على أنها تمارس أعمالا سيئة وفاسدة، فإننا لن ننجح أبدا كدولة. 

إنني اسمع باستمرار عبارة الليبراليين تتردد ويتم تناقلها هذه الأيام. وأنا شخصيا اعتقد أن بعض الناس يستعملون كلمات كبيرة لا يفهمون فعلا معناها، وباختصار فإن الليبرالية هي مدرسة فكرية أكاديمية، تؤمن بأن كل شيء يجب أن يترك لقوى السوق، وأن الحكومة يجب أن لا تتدخل بقوى السوق هذه. والواقع أن من حولي يعملون بجد واجتهاد واقتدار في مبادرات...أو يحاولون إيجاد مساعدات للاستمرار في دعم بعض السلع أو لتجديد القرى والمدارس ولإنشاء شبكة أمان اجتماعي تحمي الفقير، وكل ذلك في تناقض مباشر مع النظرية الليبرالية الراديكالية.  وهذا لا يعني أننا ضد الخصخصة أو تقوية القطاع الخاص، أو زيادة الاستثمار في البلد، لأنني لست مرتبطا بشكل حصري بأي مبدأ أو نظرية بعينها، لا الليبرالية ولا المحافظة، لا اليسار ولا اليمين، لا الحرس القديم ولا الحرس الجديد، إن عقيدتي ومبدأي الوحيدين هما أن أراعي المصلحة الأفضل للأردن واحافظ عليها دائماً وابدأ.

لنبتعد عن التلاعب بالكلام...وأن أكون واضحا في فهم هذا الهراء، فالسؤال إما أن أكون جزءا من هذه المؤامرة، أو أن أكون بعيدا منعزلا ولا أدري ما الذي يجري في بلدي. وكلا هذين الافتراضين مسيء، والحقيقة هي أن هذين السيناريوهين هما ابعد ما يكونا عن الحقيقة.

وفي الواقع فإن العديد من أولئك الذين حولي نشأوا وترعرعوا في ظل والدي، رحمه الله، وخلفياتهم واضحة ومعروفة للجميع .. فنادر الذهبي...خدم قبل عهدي بصورة مميزة في سلاح الجو ومديراً للخطوط الجوية الملكية الأردنية، وأنا فخور جدا بانجازاته وسعيد بادائه، ورئيس الديوان الملكي باسم عوض الله تلقى تعليمه الجامعي بمنحة دراسية من المرحوم والدي، وقد خدم بتميز مرموق في اربعة من الحكومات التي شكلت في عهد والدي رحمه الله، ومنحه وسامين لعطائه وتميزه وخدمته، ولا احد يستطيع أن يشكك في خلفية رجال الحسين من العسكريين في قواتنا المسلحة من رئيس هيئة الاركان المشتركة الى الجندي العادي في الميدان، والأجهزة الامنية ومنها دائرة المخابرات العامة التي (رأسها) محمد الذهبي ''وهو أحد الذين خدموا هذا الجهاز على مدى سنوات'' خَدَمَتْ بلدنا وحمته بوسائل وطرق سنظل دائما عاجزين عن ايفائها ما تستحق من تقدير، ومن رئيس مجلس الاعيان الى رئيس مجلس النواب فهم جميعا رجال والدي رحمه الله وأنا فخور بهم وبانجازاتهم. 

ان كل مؤشر وكل خبير يوافق على ان الاردن يحقق تقدما ثابتا، وانكار ذلك جريمة بحق الأردن وبحق كل من عمل بجد واجتهاد في القطاع العام لدينا في هذه الحكومة وفي الحكومات السابقة وانا شخصيا فخور بانجازاتهم، ايضا ليس هنا شك بأن الزيادات الكبيرة التي حدثت اخيرا في الاسعار قوضت بعض اركان التقدم الذي حققناه وان وضع اللوم على السياسات الحالية والسابقة معيب، فليس هناك احد في العالم كان يمكنه التنبوء بهذه الارتفاعات في الأسعار، وليس لدى الحكومة الاردنية سيطرة عليها وفي الواقع يمكنني القول بأن الامور كانت ستكون اسوأ كثيرا لو لم نتخذ الاجراءات التي اتخذناها في الماضي. فعلى سبيل المثال لو لم تقم الحكومة باتخاذ القرار بالتحرير التدرجي لأسعار النفط، منذ عام ٢٠٠٥ لتحملت الموازنة العامة هذا العام أعباء إضافية قد تصل إلى ١٬٥ مليار دينار، مما كان سيترتب عليه تهديد حقيقي للاستقرار المالي في المملكة. هناك شيء اود لجميع الاردنيين ان يتفهموه انه حتى مع تنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط، فإن فاتورة المحروقات ارتفعت (سبعة اضعاف) هذا العام، وهذا يعني أن كمية كبيرة من العملة الاجنبية تخرج من البلاد وان علينا ان نعوضها...وقد قامت الحكومات السابقة بهذا، وهذا هو الذي يسمح لاحتياطياتنا من العملات الأجنبية أن ترتفع بحمد الله، بالرغم من أنه يتوجب علينا أن ندفع فاتورة متزايدة لأثمان النفط.[1] 

أريد أن اُطمئن الجميع، اننا ملتزمون بإجراء الانتخابات النيابية في الربع الأخير من هذا العام، كما أعلنّا من قبل، وسوف تقوم الحكومة بوضع كل الإجراءات والترتيبات، التي تضمن أن تكون هذه الانتخابات بمنتهى الشفافية والنزاهة، للوصول إلى مجلس نواب، يمثل آمال وطموحات أبناء شعبنا العزيز. وهنا مطلوب من الجميع، العمل على توسيع الـمشاركة في هذه الانتخابات. وأنا أعرف أن الوضع الاقتصادي غير مريح، وأن المواطن يعاني من هذا الوضع، لكن الذي يجب أن نعرفه يا إخوا اننا ليس البلد الوحيد، الذي يعاني من الظروف الاقتصادية الصعبة، وأن وضعنا الاقتصادي يتأثر بشكل أو بآخر، بالأوضاع الاقتصادية في العالم من حولنا. ومن واجبنا، أن نحاول بشتى الطرق والوسائل التصدي لهذه الظروف، والتخفيف من آثارها السلبية على أبنـاء شعبنا. والحكومة تتحرك لمواجهة هذا التحدي الكبير، ضمن رؤية واضحة وخطط وبرامج عمل، مرتبطة بجـداول زمنية محددة، لكنها تحتاج إلى بعض الوقت، حتى تحقـق أهدافها، ويلمس المواطن نتائجها الإيجابية على حياتـه. بعباره أخرى، بدها شوية صبر يا إخوان. وأريد أن يكون المواطن على معرفة واطلاع على كل مـا تقوم به الحكومة ومؤسسات الدولة، من خطط وبرامج لمواجهة هذا الوضع الاقتصادي، حتى يكون مطمئنا أننا قادرون على تجاوز هذه الظروف، وأن الأمور تسير نحو الأفضل، بإذن الله.

من جهة أخرى، هناك بعض الظواهر الغريبة على مجتمعنا، وكل ما هو معروف عنه من القيم النبيلة، قيم الأخوة والتسامح والمحبة بين أبناء المجتمع الواحد، والأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة. ومن هذه الظواهر المرفوضة والغريبة على مجتمعنا، ظاهرة العنف، وتحدي سيادة القانون، والخروج على الأعراف والتقاليد الأصيلة في هذا المجتمع. هذه الظاهرة، أحيانا، تأخذ شكـل الاعتداء على الأشخاص، أو الاعتداء بالتخريب والتكسير على بعض المؤسسات والمرافق العامة، لأبسط الأسباب، ودون وجه حق

نتحدث دائما عن حقوق الإنسان، وكرامة الإنسان الأردني، التي هي عندي أهم وفوق كل الاعتبارات. لماذا إذن، الاعتداء على كرامة المعلم والطبيب والشرطي والموظـف؟ هؤلاء الناس الذين يخدمون بلدهـم ومجتمعهـم بشـرف وإخلاص، وهم أبناؤنا وإخواننـا. لماذا الاعتداء على كرامتهـم، وأحيانا على أرواحهم ؟ معقول هذا الذي يصير يا إخوان؟ وبالمقابل، يجب أن يعرف الموظف العام، أنه موجود في هذه الوظيفة، لخدمة المواطن، وأنه ليس من حقه الاعتداء على كرامة المواطن أو حقه.

وأنا قلت من قبل أن كرامة المواطن عندي، أهم وأغلى من أي شيء آخر. والمؤسف أكثر، عندما يختلف اثنان، تحدث مشاجرة بينهما، ودون مبرر تتحول هذه المشاجرة البسيطة، من مشاجرة بين اثنين، إلى مشاجرة بين عشيرتين أو قريتين، وتستخدم فيها الأسلحة النارية، ويتم فيها الاعتداء على رجال الأمن العام، وعلى الممتلكات العامة والخاصة، وكأنه لا يوجد دولة، ولا يوجد قانون، ولا يوجد مؤسسات، ولا أعراف ولا تقاليد. هل هذه التصرفات من أخلاق الأردنيين ؟! وعاداتهم الأصيلة والنبيلة؟ لا يا إخوان، هذه ليست عاداتنـا ولا أخلاقنا ولا قيمنا. 

العشيرة يا إخوان، كانت على الدوام، ركيزة أساسية في بناء هذا المجتمع، ورديفاً وسنداً للمؤسسات الرسمية والأمنية، في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وكانت دائماً رمزاً لكل القيم النبيلة، ورمز الانتماء لهذا الوطن، وأتمنى أن كل عشيرة، تحافظ على هذه الصورة الإيجابية المشرقة، التي نعتز بها، ولا تسمح لأحد، أن يسيء لهذه الصورة المشرقة. والعنف لا يمكن أن يكون حلا لأي مشكلة، بالعكس هو بحد ذاته مشكلة، وأي خلاف بين طرفين، وأي مشكلة كبيرة أو صغيرة، يمكن حلها بالحوار وتحكيم العقل، أو بالاحتكام إلى العدالة والقانون.

يا إخوان، نحن أكدنا من قبل، ونؤكد من جديد، على احترام حق الإنسان وحريته في التعبير، لكن الحرية لا تعني الخروج على القوانين، ولا على روح الدستور، ولا تعني إثارة الفتنة، أو التحريض أو التعدي على حقـوق الآخرين وحرياتهم. وأريد أن أعيد، وأؤكد من جديد أن الدولة قادرة، وفي أي لحظة، على ضبط الأمور، وتطبيق القانون على الجميع، ولا يوجد أحد أقوى من الدولة، ولا يوجد أحد فوق القانون، لكن الذي أتمناه عليكم وعلى إخواني الشباب في كل أرجاء الوطن، الذين أعتز بهم، أن نكون كلنا يداً واحدة في التصدي، لمثل هذه الظواهر الغريبة على مجتمعنا، والمرفوضة في كل الأحوال.

نحن نتحدث دائما عن نعمة الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز، ونتحدث عن التنمية الشاملة، والتحديث والتطوير، ودولة المؤسسات وسيادة القانون. ودون الأمن والاستقرار وسيادة القانون، لا يمكن أن تكون هناك تنمية ولا تحديث ولا تطوير. صحيح ربما هناك حاجة إلى تعديل بعض القوانين، وربما وضع تشريعات جديدة، ولكن أتمنى على الجميع، أن يكون في كل واحد منا وازع داخلي يعكس انتماءه لهذا الوطن، ويمنعه من عمل الخطأ عن قناعة، وليس خوفاً من القانون أو العقوبة. مطلوب من الجميع، وكل واحد من موقعه، أن نتصدى لمثل هذه الظواهر والأخطاء، ولكل من يحاول الخروج على القانون، أو العبث بالأمن والاستقرار، أو بوحدتنا الوطنية، أو إثارة الفتنة والفوضى بين أبناء الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة. وبالمقابل، ستواصل الدولة القيام بواجبها في حماية الأرواح والممتلكات والوحدة الوطنية، وفرض سيادة القانون، لتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع.

وبالرغم من كل ما تقدم، فأنا كلي ثقه وأمل بالمستقبل، وأنا أعرف أبناء شعبي، وأعرف انتماءهم وإخلاصهم لوطنهم، وأعرف أنهم بوعيهم وإرادتهم القوية، وتماسك جبهتنا الداخلية، سنكون قادرين على التصدي لأي مؤامرة، وأي جهة تحاول المساس بأمن الأردن أو استقراره. وأعرف أنهم، وأنا واحد منهم، مستعدون لحماية هذا الوطن بدمائنا وأرواحنا. [2] 

لتكن المعرفة سلاحكم .. ولا تصدقوا الإشاعات، وخاصة عندما يقول لكم أحدهم إنها من مصادر موثوقة.
واخيرا إعلموا أنكم كل شيء بالنسبة لي.[1] 

*العنوان الرئيسي لجريدة الرأي في ٢ تموز ٢٠٠٨
[1] اقتباس من مقابلة شاملة لجلالته مع وكالة الأنباء الأردنية في ٢ تموز ٢٠٠٨ 
[2] إقتباس من كلمة جلالته في يوم الجيش في ٩ حزيران ٢٠١٠ 


Wednesday, September 26, 2012

ليس سهلاً أن تكون عبدالله؟

إلى أهالي معتقلي الحرية: أنتم أحسن منا جميعاً 

استفزني إعتقال عبدالله محادين أكثر من غيره من الرفاق. ربما لأني أشعر بأني أعرفه بشكل شخصي (أظن التقينا مرة سريعة على الدوار الرابع)، أو ربما لأنه بحماسته وتدينه وتفوقه يذكرني بأخوي الصغير. لكن من المؤكد أن السبب الرئيسي هو شعور بالظلم أولاً: "ليش دايماً عبدالله؟" "هو شو عمل أصلاً؟" وشعور بالقلق على وضع البلد وهشاشة نظامها الذي لا يستطيع أن يتحمل اعتصامات مجموعة صغيرة من الشباب فيلجأ إلى أساليب بائسة من ترهيب وحبس تعكس إفلاسه. 

لكن هذه المرة قررت التعامل مع هذا الإستفزاز بطريقة مختلفة، فبدلاً من اليأس والإحباط وتبني الشعار التاريخي: (هذا الأردن وضعه هيك، وما في أمل يتغير قريباً، فيا بتلاقي طريقة تتأقلم معه بوضعه الحالي يا بتلاقيلك مكان الحياة في أحسن تقضي فيه هالثلاثين أربعين سنة الضايلين لك وبلا وجع راس)، قررت أن أرفض موجة اللامبالاة متزايدة الإنتشار وقررت أن احتل موقع عبدالله، على الأقل إلى حين إطلاق سراحه (خاوة). قررت أن أزيد من "نشاطي" الرافض للوضع القائم إفتراضياً، والأهم فعلياً، حاملاً الشعار الجديد "عبدالله مش أحسن مني"، وعاقداً العزم على تغيير الأولويات بما يتناسب مع الشعار الجديد.

كما توقع الرفاق، لم تستمر هذه الحالة أكثر من عشرة أيام. المشاركة بثلاثة أو أربعة اعتصامات خلال أسبوع كافية لتكتشف كمية الوقت التي يجب أن تكرسها للهدف على حساب نشاطاتك اليومية الأخرى التي يمارسها باقي البشر. الإعتقالات التي تحدث أمامك تحول السجن من فكرة "رومانسية" إلى حقيقة "مخيفة"، فتترك موقع الإعتصام وأنت غير قادر أن تتخيل بأن من كان يهتف على بعد مترين منك قبل دقائق يجلس الآن مقيداً في زنزانة، بينما يشاء الحظ (وجبنك) أن تعود أنت إلى كنبايتك. تعلق صورة في ذهنك: قوات التدخل السريع بإقنعتها السوداء تحيط بالمعتصمين وتتفوق عليهم عدداً بنسبة خمسة إلى واحد، آمر الفرقة ذو الكرش الهائل يسحب كيس أسود من جيب الفوتيك ويحشو رأسه به فيغطي وجهه حتى أعلى ذقنه فقط، وتشاء الصدف ألا يحصل الفض. لكن الفكرة وصلت؛ كيف ترد عندما تشاء الصدف ويحدث الهجوم؟ تنبطح أرضاً وتنقل إلى المستشفى أم تصمد وتنقل إلى المستشفى والسجن أم تلزم بيتك إحتياطاً، وفخار يكسر بعضه؟ 

في الواقع، كل ذلك ليس سوى مخاوف وتحديات سخيفة مقارنةً بالهدف، ومقارنةً بالشعور بالرضى الذي ينتج عن قناعة بأنك تتخذ خطوات أولى على الطريق الصحيح. لماذا تترك أرضك وجمهورك وتعلن الهزيمة أمام الغباء والتخلف والمرض بدون أدنى مقاومة؟ كان أسبوعاً سعيداً بالرغم من كل شيء. حتى جاءت مكالمة الوالدة الباكية: "انت شو الك دخل؟" "ليش ما بتفكر فينا؟" "إفرض صارلك اشي ولا انحبست؟" "إفرض صار عندك عاهة مستديمة" كانت مقدمة لساعات متواصلة من كلمات العتب الصادقة، فشلت كل المحاولات لإحتوائها ولم تتوقف قبل الحصول على وعد بتجميد كل الأنشطة، تحت التحديد "بالمقاطعة النهائية والتبري منك بالجرايد" في حال الإخلال بالوعد. 

كان لدى الرفاق في فترة الأحكام العرفية نظرية بأن الأنظمة القمعية تعرف أن "الرهبة من السجن رادع أكبر بكثير من السجن نفسه"، وبالتالي فإن كل موجة اعتقالات تستهدف نفس المجموعة الأشخاص ممن كسروا (لحسن حظهم أو ربما سوء حظهم) هذا الحاجز، لتخويف المجموعة الأكبر ممن بقيت خارجه. في مجتمع مثل الأردن، يرتبط فيه الأفراد على الأقل بأسرهم الصغيرة إرتباطاً وثيقاً  تتسع هذه النظرية فتصبح: "إعتقلوا الشباب مش لتخويفك فقط، بل الأهم لتخويف أهلك". ليس من السهل التضحية بوقتك وربما عملك وحتى حريتك في سبيل الهدف، ولكن الصعوبة فعلاً هي التضحية بما ليس لك ولا سيطرة لك عليه: فكيف تتعامل مع قلق الأم والأب والأخ والزوجة وغيرهم ممن تحب؟ وكيف تواجه لوم العم والخال ممن يشعرون بأن ما تقوم به قد يؤثر على حياتهم ومصالحهم؟ كيف تتعامل مع داوئر ودوائر من الضغوط؟ يمكن "عبدالله محادين مش أحسن مني" (وأشك بذلك)، لكن من المسلم به أن أهل وأحباء معتقلي الحرية أحسن منا جميعاً، فلهم الشكر والتحية، نفخر بكم كما تفخرون بأبنائكم رفاقنا، وبفضلهم وبفضلكم، ستأتي أيام أفضل.  

Thursday, April 26, 2012

قرفنا فتطرفنا

خواطر مواطن لا يمثل إلا نفسه

إن الدكتاتور الاتوقراطي المستبد لا يمكن له أن يعمل بدون حزب حاكم يزوده بالكوادر اللازمة للإدارة في شتى المجالات، والتي تمكنه من القيام بالوظائف الأساسية اللازمة لضمان البقاء، فتصبح هذه الكوادر "مفرطة الولاء" هي الطبقة المنتفعة المرتبطة وجودياً بالدكتاتور، ويعملا معاً بتفاهم لمصالحهما فقط. 

النظرة السريعة على من يطلق عليهم "رجالات" الدولة الاردنية على مدى الخمسين عاماً الماضية كفيلة بالكشف عن أن الوزراء والسفراء واعضاء مجالس الامة بشقيه وكبار الموظفين ورؤساء الهيئات ومن لف لفهم في مجملهم أبناء حزب واحد، هو حزب المخابرات والاجهزة الأمنية. فهؤلاء "الرجال" إما أعضاء فعليين في الجهاز (الحزب) أو أصدقاء له أو من مناصريه أو حتى في أسوأ الأحوال حاصلين على تنسيبه (وموافقته) حتى لو كان الأمر يتعلق بترفيع موظف حكومي من الدرجة الرابعة إلى الثالثة أو حتى ترفيع ضابط جيش من (من عقيد إلى عميد). وكأي حزب فعال، يلتحق بالأعضاء والاصدقاء والمناصرين والمؤازرين فريق لوجستي من منظرين ومثقفين (بالاحرى كتبة) ومناشير على شكل صحف رسمية وبرامج عمل داخلية وتمويل مستقل (من دافع الضرائب أو من تمويل أجنبي لأهداف)، وخطط  تجنيد أعضاء جدد، ومهرجانات ،وهذا أكثر من بديهي في حالة الحزب الحاكم الاردني.

مع إستلام الملك الجديد لراية الحاكم الأوحد ظهر حزب جديد لينافس الحزب التقليدي وهو حزب الديوان الملكي، الذي وإن كان قد ولد أساساً من رحم الحزب الام  فقد حاول أن يستقل عنه. فظهرت كوادره الجديدة من خارج المؤسسة الأمنية في مختلف مجالات الحياة السياسية (واهمها إقتصادياً) من مستشارين في الديوان ارتقوا إلى وزراء وحتى إلى رؤساء حكومات.

وإذا كان الحزب القديم كان قد إستمد حظوته  التاريخية لدى الحاكم من قدرته على ضمان عرشه والمحافظة عليه "أمنياً" ، فإن الحزب الجديد قدم للحاكم ما كان يحتاجه في تلك الفترة، وهو الثروة.  فالحزب الجديد الذي قام على نخبة من رجال الأعمال "الشباب" من أصحاب الرؤى الاقتصادية الفذة كان قادراً على إيجاد مصادر جديدة لضخ الأموال في خزينة القصر التي اضمحلت (نوعاً ما) بعد أن اقتسمها الورثة، خاصةً وأن متطلبات مستوى معيشة من كان أباه ملكاً تفوق بكثير متطلبات من إضطر يوماً أن يبيع بسكليته.

وعليه، فإن لحظة تحويل مدير المخابرات المخضرم البطيخي للقضاء بذلك الشكل المهين، وعلى قضية عطاء كمبيوترات سخيفة بالمقارنة ، لم تكن مجرد تصفية  حسابات شخصية بقدر ما كانت رسالة إلى...إحم..."الحرس القديم" بأن الحزب الأوحد لم يعد فوق الجميع وأن هناك حزب جديد للقصر يشاركهم السلطة، والعبوا سوا سوا أحسن.
 
وما العبث الذي جرى على الساحة السياسية الاردنية في العامين السابقين سوى صراع قوى بين "طرفا" الحزب الحاكم، أو الحزبان الحكامان، فتحته التغييرات في المنطقة على مصراعيه. فالصراع بين "بيروقراطية الدولة" والليبرالية الجديدة، وبين "الاصلاحيين" وقوى الشد العكسي، وحتى حرية التعبير والسقوف، من "تطاول على الديوان" إلى المطالبة بإقالة مدير المخابرات، هي ليست أكثر من  كسر عظم بين الحزبين بإستخدام أدواتهما للتأثير على الحاكم واستمالته إلى أحد الطرفين. (يشبه أحد الأصدقاء القريبين من المشهد قضايا الفساد "الكبرى" بلعبة الورق بين المخابرات والديوان: بتنزلي بالمعاني، بنزلك بالبخيت، بتنزلي بالذهبي، بنزلك بالكردي). وهذا بالمحصلة كان ظاهرة  صحية جاءت لمصلحة الناس الذين مكنهم "الصراع" من كشف بعض الفاسدين، والأهم إكتشاف أسلوب إدارة الدولة الفاشلة والية صنع القرار الهزلية  وبالتالي كسر هيبة الحزبين والحاكم مع بعض، الأمر الذي تنبه له الأطراف الثلاثة مؤخراً، فالثلاثة يتفقون تماماً على الضرورة الحتمية للحفاظ على النظام بشكله المتعفن الحالي، لما فيه من حفاظ على مصالحم جميعاً. 

بالمحصلة، فإن كل الحديث عن تعديلات دستورية وقوانين إنتخاب وحكومات دستورية تشكلها أغلبية نيابية، والحديث عن فصل السلطات وإستقلالية القضاء ليس له أي داعي، وهو مجرد رقص في العتمة ولغو. فحتى الحكومات  سريعة القذف التي ساد الإعتقاد يوماً بأنها طرف في صنع القرار مع المخابرات والديوان أصبح من البديهي أنها ليست سوى إفراز لسطوة أحد الحزبين على الآخر، وحسب حاجة الحاكم المرحلية. فالرئيس من أحد الحزبين، والتشكيل الوزاري يحتفظ بحد أدنى من التمثيل لكلاهما بغض النظر عن إنتماء الرئيس، لضرورات الحفاظ على خط الرجعة، وطبعاً مع شوية مستقلين وحزبيين منتهي الصلاحية لغايات الاكسسوار. وبالتالي مرجعية الحكومات هي الحزب الذي أفرزها.

 أما قمة الفكاهة والعبث (الذي تحول إلى قمة الملل والقرف)  تتجلى عندما تناط الرئاسة بشخص من خارج  أحد الحزبين لضرورة أو ضغط ما، مثل الخصاونة أو عدنان بدران، فإن انعزاله عن صنع القرار وعجزه وقلة حيلته يصبحان من الوضوح والإهانة إلى درجة تثير الشفقة.

وختاماً، فإن الأنظمة القائمة على حاكم أوحد مستبد، يحتمي برعاية أجنبية، ويبني عرشه على حلقات من المنتفعين تحمي أمنه وثروته قد أصبحت أنظمة منتهية الصلاحية. وهذه الأنظمة لا يمكن إصلاحها بوصفات ووعود، حتى على الفرض الواهم بأنها جادة، لأنها غير قادرة على الاصلاح، فخرابها أساس وجودها العضوي، وضمان استمرارها. نظام جامد بعقلية منقرضة يرفض التطور، اساليبه وحزبه وإعلامه والعابه تنتمي لحقبة سابقة. نظام سارق لثروات غير موجودة ينافس دول النفط في الانفاق على حاكمه الذي يظن أنه وريث ارستقراطيات أوروبا. نظام يحكم دولة تحمل إسم عائلة حاكم (!) وهو لا يمت للدولة أو لإسم العائلة بصلة، لا نسباً ولا لغةً ولا نشأةً ولا حتى ولاءً، بشهادة التاريخ.

بس يا أخي يشهد الله إنه منحبك منحبك منحبك.
وفايز الطراونة خيار صح. 
شاء من شاء، وأبى من أبى.
اعطوه فرصة يا جماعة.
 وين في مسيرة ولاء وأنتماء بكرا؟

Wednesday, January 11, 2012

لويش بتلد؟

بين الصورة ورسالتها، من منا لم يفكر بحرق الصورة؟

في فيلم شبه وثائقي قصير يستيقظ شاب أردني فيفتح الستائر متجبداً أمام جدارية عملاقة على واجهة البناية المقابلة لغرفته "منقوشٍ" في أعلاها: "إهداء من إسكانات أبو ركبة لامانة عمان". تتابع الكاميرا، من منظور الشاب، أحداث يوم عادي جداً، من ركوبه المواصلات العامة، ومروره بالمكتب والبنك والدائرة الحكومية والمطعم والشارع والمقهى والمسرح، لكن الكاميرا تقطع في كل موقع بشكل مفاجئ إلى صورة جلالة الملك التي تحيط بكل المساحات التي يتحرك فيها هذا الشاب.

في المشهد الختامي يقف مشدوهاً في وسط الشارع أمام إحدى هذه البورتريهات العملاقة كأنه يراها لأول مرة، فتأتي سيارة سوداء من طراز شفرولية تاهو تمعسه وتلقي به في الهواء. يرفع رأسه عله يلقط رقم السيارة، فتتسمر عيونه تلقائياً على زجاج السيارة الخلفي الذي تغطيه (طبعاً) صورة جلالته مع بندقية القنص المشهورة، فيغمض عينيه. "مات مات" يصيح أحد المارة. "لا حول ولا قوة إلى بالله" يصيح آخر أمام الجسد الممعوس. يأتي إبن حلال ويغطي الجثة بجريدة، فتتطاير أوراقها وتتدحرج في الشارع، تقترب الكاميرا من أوراق الجريدة فتظهر على كل صفحة صورة عملاقة لجلالته، تعلوها تهنئة بعيد ميلاده السعيد. النهاية. عرض الكريدتس على خلفية من لقطات لجماهير تلوح بصور صدام حسين وحسني مبارك و معمر القذافي وأغنية "افيري ستيب يو تايك، أي ويل بي واتشنغ يو."


ما هو وجه الشبه بين شادر خضار مخالف والمركز الثقافي الملكي؟ كلاهما من المعجبين بالنسخة الاردنية من دمية المتروشكا الروسية. مثال أخير بدون تكرار ممل للفكرة، دائرة الأحوال المدنية في الدوار الأول عبارة عن كوريدور مفتوح على بعضه بطول 35 متر وعرض ستة مترات يحوي في ثناياه على 15 صورة لجلالة الملك، أربع صور للملك السابق، أربع صور لولي العهد، وصورة للعائلة السعيدة. في هذه الصالة لا يمكن من أي ركن منها أن ترى أقل من ثلاث صور، في نفس الوقت في أي وقت. جورج أرويل نفسه في عالمه الافتراضي لم يكن سيسمح بذلك، لأنه قد يخاف أن ينتقده البعض للمبالغة في تصوير نظام الأخ الأكبر الشمولي.


المشكلة ليست بالصورة كرمز وطني، المشكلة في توظيف الصورة. ما هو المغزى؟ تذكير؟ ترهيب؟ تملق؟ حب شديد؟ دعاية مجانية؟ تعزيز الفرص في تجنب مخالفة؟ حتى لو افترضنا عفوية المواطن العادي في التعبير عن حبه، ماذا عن الدائرة الحكومية؟ لماذا يجب أن يتزين المركز الأمني بخمسين صورة في أوضاع مختلفة؟ ماذا عن المدارس؟ ما هي ضرورة وجود صورة تجحر فيك وأنت تحاول أن تتابع عرض مسرحي أو ندوة؟ العلاقة التي تحتاج إلى مظاهر مبالغ فيها للتأكيد على عمقها وصدقها هي علاقة غير صحية فيها كذب و خلل مستتر تظهر نتائجه على شكل كوارث على المدى الطويل.


الشكل والمضمون وجهان لعملة واحدة، أي أنك عندما تختار أن تتبنى مظاهر الأنظمة الشمولية إم التعريفة، فأنت تقر ضمنياً بأنك نظام شمولي من أبو التعريفة. من المفهوم والمتوقع أن يكون هناك جموع من المواطنين لا تستطيع أن تتفهم كيف يمكن لهذه الابتسامة العفوية أن تشكل نوع من الاستفزاز للبعض الآخر من اخوانهم المواطنين، والتفسير لذلك بديهي: أن هذه الصور بالنسبة للكثيرين قد أصبحت مجرد خلفيات لا تلفت الانتباه. فهناك حالة من نزع الحساسية أو التطعيم تنشأ بعد سنوات من العيش تحت تأثير مظاهر الحكم الشمولي تجعلها تظهر بأنها عادي، وهي أبداً مش عادي. الحل أيضاً بسيط: عزيزي المواطن إلي مفكر إنو عادي، أرجوك تبنى منظور جديد، منظور عين العصفور من أعلى، وتخيل نفسك شخص يزور البلد الأول مرة، أو قم بتبني الفيلم الوثائقي أعلاه وقم بالترفيه عن نفسك بعد الصور ليوم واحد، وشوف إذا جد عادي.


سنفترض أن الزعيم رمز وطني له احترامه، سواء اتفقنا مع سياساته وأسلوب حكمه أو اختلفنا معها، فهذا لا يعني أن تتحول لوحاته العملاقة لبديل عن العلم إوالخارطة في المناسبات الوطنية أو بديل لصور نانسي عجرم وبوب مارلي كزينة سيارات الكيا والتكاسي وبديلاً عن لوحات اعلن على هذه الواجهة ودعايات مجانية لقهوة أبو العبد، لأن هذا غير مقبول لا لهيبته ولا لرعاياه. لا بل أن الكثير من هذه الصور مأخوذة من أوضاع لا تليق بمكانته، وبعضها يجده أكثر الناس حياداً لا بل أكثرهم حباً مضحكة فعلاً، وبعضها (صورة القناص تحديداً) قد تحول (بصراحة) إلى موضع سخرية وفكاهة حتى من أشخاص مقربين من الديوان نفسه. (وهنا لا بد للمرء أن يشك في جدوى عشرات الالاف المهدورة كرواتب مستشارين غير قادرين على إختيار صورة مناسبة. يعني ألف مستشار إعلامي مش عارفين ينتبهوا إنه صور جلالته بالزي البدوي ما إلها داعي وانها ضاربة شوي بزيادة على إستشراق، ولا يعني المكتب الاعلامي بكامل كوادره تبع جلالتها عرف ينصحها إنه ستي يمكن إستعمال حرس البادية والحرس الشركس خلفية لعروض الأزياء والسياحة مش أحسن فكرة بالعالم؟!)


أيام قليلة تفصلنا عن مناسبة تاريخية تشكل فرصة لا يمكن تكرارها لرشم ملايين الصور في كل نواحي الوطن، وبمناسبة تشكيل لجنة للإشراف على إحتفالات المملكة باليوبيل الذهبي لجلالته، كان يمكن إستبدال الصور مثلاً بنصب تمثال من الذهب (أو من أقلام الرصاص) على قاعدة دوارة فوق واحد من برجي الدوار السادس بحيث يواجه الشمس في جميع الأوقات (أو مثلاً يواجه وجهة السفر لذلك الشهر)، لكن الفكرة سبق وإنعملت، كما أن الهاشميين تاريخياً أكبر من ينصب لهم تماثيل. بس بما انه صور بحجم البنايات عادي، فيمكن للجنة أن توصي بأن يتم صرف نظارات خاصة (مثل تبع الثري دي) لكل المواطنين بحيث تكون صورة جلالته منقوشة علىها بشكل شفاف لا يحجب الرؤية، وفرضها طول فترة إحتفالات المملكة بالعيد الميمون. نفس الأثر، بتكاليف أقل، كما أنها عصية على الحرق.


Wednesday, December 28, 2011

لا للملكية الدستورية

لأن الطبيعة اللحظية لتويتر تجعل توثيق بعض ما يجري ضرورة، وان كان تكراراً

بغض النظر عن موضوع النقاش سواء كان الدولة الريعية أو تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية أو قوانين الانتخاب أو غيرها، فإن كل النقاشات والمقالات والحوارات تبقى تدور في حلقة مفرغة إلى أن تنتهي إلى قناة واحدة يقبع في وسطها فيل يبقى حاضراً في كل غرفة.

وجود هذا الفيل يجعل كل النقاشات مجرد كلام نظري في الفراغ، أما الاشارة له فهي كفيلة بنقل النقاش من أي موضوع إلى السؤال الأزلي: من يحكم الاردن؟ أو على الأقل: من هو صانع القرار في الاردن؟ يعني يمكنك أن تقضي ساعتين في حوار حول اي من مشاكل الاردن بإسلوب علمي عميق، بدون التطرق لأكثر الأسئلة بديهية: من هو المستفيد الأكبر من "المشكلة" موضوع النقاش؟ ومن هو المسؤول؟ وما هي الطريق أو الخطوة الاولى للتخلص منها؟

فلو أخذنا مثالاً حديث الدكتور عمر الرزاز في أخر حلقات النقاش التي ينظمها موقع حبر، فسنجد أجواء أكاديمية ودية وحوار مسلي ومفيد إلا أنه ليس أكثر من جولة أخرى من الضجيج الذي أضحى مملاً.

بإختصار هناك اطاران اساسيان: ساحة حوار مكتظة إلى درجة اليأس تبحث في المشاكل التي تعاني منها البلاد، وأخرى تبحث في رأس هذه المشاكل والطريق أو على الأقل الخطوة الاولى إلى حلها. ربط الإطاران كفيل بجعل مطالب أي إنسان شبه عاقل ترتفع من إصلاح مستحيل إلى إعادة تشكيل كاملة. هناك طبعاً إجماع شبه كامل إلى أن هذا (الإحم...) التغيير الكبير ليس في مصلحة البلاد لأن الجميع راضي (حتى لا نقول منتفع بدرجات) بالنمط الريعي/الرعوي القائم، ويبقى الخلاف على الحصص هو أساس (الكثير من) دعوات الاصلاح المستحيل.


في الجانب المشرق، تساهم هذه الحوارات والندوات في تعزيز بديهية إستحالة تماهي الاصلاح مع النظام بشكله الحالي بطريقة غير مباشرة. فبالعودة إلى ندوة الرزاز نجد مثلاً:

-أن أحد أهم رجال الاقتصاد في البلد ليس لديه أدنى فكرة عن مصير عوائد التخاصية أو كيفية صرفها أو عن سبب عدم ادراجها في الموازنة.

-أن الرزاز لا يجد مبرراً لأن أن تكون موازنة وزارة الدفاع غير مدرجة بالتفاصيل في الموازنة العامة، وخاصةً فيما يتعلق بالمشتريات قائلاً: "أنا بعرف سعر الطبشورة في وزارة التربية وسعر السرنج في وزارة الصحة ولا أعرف سعر الرصاصة".

-أما "ألطف" مداخلة فقد كانت من الوزير السابق مروان جمعة الذي ما فتئ يذكرنا بأن عمر وزارته كان قصير وما لحق يعمل اشي وأن الأجندة الوطنية تم وضعها على الرف بدون بديل (بدون إثارة جزئية صاحب القرار بإقالة وزارته أو وضع الأجندة على الرف طبعاً) ، وأنه كوزير سابق ليس لديه أدنى فكرة عن أولويات أو حتى خطط الدولة!


إلحق ورا المصاري

انطباعات بسيطة حول النمط الريعي الاردني (إعادة... للتوثيق)

-مهندس النمط الريعي الاردني هو الاسرة الحاكمة حتى تستطيع أن تنافس في بذخها حكام الخليج بالرغم من عدم وجود دخل أو موارد تسمح

-الاسرة الحاكمة ما زالت تراكم ثروتها من جيوب الاردنيين ثم توزع عليهم الفتات بدرجات من خلال النمط الريعي

-نظام التوزيع الذي تستخدمه الاسرة الحاكمة على شكل "تركل داون" ناجح إلى حد بعيد ويغطي بدرجات شرائح إجتماعية كبيرة

-التركيب الاجتماعي (قلة عدد السكان وترابطهم) يسمح للأسرة الحاكمة بإحتكار ثروات الوطن ثم توزيعها بشكل يضمن اسكات الجميع بدرجات

-درجات التوزيع تبدأ بسماسرة القصر وإلى شيوخ العشائر وكبار الضباط وحتى النواب وتنتهي بموظفي البطالة المقنعة في الجهاز المدني والعسكري

-يعني الاسرة الحاكمة باعت البسكليت بخمس ليرات(*) وبعدين فتحت متحف سيارات،والجميع راضي ما دام عنده قريب بدرس/بتعالج/بتوظف عن طريق الديوان

-أي تغيير في هذا النمط يشكل خطر على تكديس ثروة الاسرة الحاكمة ومستوى معيشتها غير المتناسب مع دخل الاردن.بالتالي مستحيل

-ثروة الاسرة الحاكمة ومستوى معيشتها،ومن خلفها كبار المنتفعين، تجعل الأمل "باصلاح" حقيقي على أي مستوى مستحيل والمطالبة به سذاجة

-أما فقاعات محاكم السماسرة وكبار المنتفعين فهي إما تصفية حسابات بينهم أو فرك اذان للي بيكون زعل المعلم أوإنتهى دوره وماقعدعاقل


قصة قصيرة (*)

من أدب قصص النجاح

"عندما كنت صبياً صغيراً كنا نقيم جميعاً في دارة متواضعة تتألف من خمس حجرات مع غرفة إستحمام واحدة تحيط بها قطعة أرض صغيرة في جبل عمان، أحد تلال العاصمة السبعة. لقد كان إبن عمي فيصل ملك العراق يوحي إلي بإنطباع أنه يعيش في عالم غني ثري. وإنني لأذكر زيارة قمت بها إلى بغداد عندما كان لي من العمر عشر سنين فقدم لي فيصل بمثابة هدية الوداع دراجة متألقة متلألئة، وقد كان لدي شعور بأنني لن امتلك أبداً في حياتي شيئاً أجمل منها. وطوال سنة كاملة بقيت الدراجة محتفظة بالجمال واللمعان الذين كانت عليهما في اليوم الأول. وكنت في الصباح والمساء أدلكها وألمعها واجعلها تضيء وتشع.

وفي أحد الأيام جاءتني أمي وقالت لي بلطف:"انني أعرف بأنني سوف أشق عليك ولكن وضعنا المادي يبعث على الهم والقلق، فلكي نستطيع الخلاص من هذه الحال، لا بد لنا من بيع بعض المتاع الذي لدينا، فهل يضايقك يا بني العزيز أن نبيع دراجتك؟"

ولقد جاهدت نفسي لاحتباس دموعي. انهم يستطيعون بيع كل شيء ولكن ليس دراجتي!

وقالت لي أمي من باب التسرية عني وتعزيتي، "انك تعرف بأن عليك أن تواجه وتتغلب على الكثير من خيبة الأمل، كن قوياً، فسيأتي يوم تنسى فيه الدراجة، وتقود أجمل السيارات".

لقد قدت أجمل السيارات فيما بعد، ولكني لم أنس أبداً هذه الدراجة فقد بيعت في اليوم التالي بخمسة دنانير.

ليس الفقر عيباً، ولقد أثبت لي مستوى معيشتنا المتواضع، انني استطيع أن أحيا حياة أبسط من الحياة التي عشتها فيما بعد، وعلمني أيضاً أن أقدر قيمة المال إلى الحد الذي أصبحت فيه الآن أشعر بمتعة كبرى في منح العطايا للمعوزين."

كتاب مهنتي كملك


لا لأنصاف الحلول

لأن المواطن الايجابي لا يكتفي بالنقد

الحل: ملكية شكلية