Sunday, May 15, 2011

من وحي الاصلاح المستحيل


من البديهي إن كل الكلام عن الاصلاح وما إصلاح هو حكي فاضي وأن كل ما هناك هو شوية سواليف أو (ريتوريك) بحسب وصف مروان المعشر ولجان رايحة جاي يقابلها خطوات واضحة على الأرض تناقض كل هذا الحكي (التعامل العنيف مع التجمعات السلمية واستعمال المدنيين في قمعها، إختيار رؤساء الحكومات، تشكيل جهاز الدرك)، وقد يكون اخطرها الاستمرار باللعب على الحيلة القديمة بشرخ الشعب حسب أصوله. السبب هو ليس المنتفعين من النظام أو عدم قدرة صانع القرار على إقناع هؤلاء المنتفعين بضرورة الاصلاح، السبب هو أن الاصلاح المنشود يتعارض عضوياً (انترينسيكاللي) مع وجود النظام، والاصلاح إن كان فعلي يعني نهاية النظام، وبالتالي النظام ببساطة يحافظ على نفسه برفض الاصلاح لاستحالة التطبيق. هذه النظرية يشرحها بالتفصيل التحليل المهم للكاتب علي حتر والذي يمكن تلخيصه ب"هذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار".

إذاً عزيزي نصير الاصلاح وصاحب الأمال العالية بحياة أفضل في الاردن، بعد أن إتضح لك أن كل موضوع الاصلاح مجرد فيلم عرض متواصل من عشر سنين يبقى أمامك الخيارات التالية:

خيار الاصلاحي الأول: كافح كل الأفكار التي تخطر على بالك بأن هناك اشي غلط في البلد، وانضم لجماعة: كل شي تمام ومش ناقصنا غير أكمن حاجة صغيرة هون وهون والبلد واحة إستقرار وأمن وأمان، وإحنا أحسن من غيرنا وما في معتقلين سياسيين ويد النظام لم تتلطخ وإحمد ربك إنه الدرك مش عم بطخ رصاص حي على وجهك، والايكونومي بومينغ والاستثمارات جاية أوعى إتطفشها بهبلك، وتنساش السياحة، فركز في شغلك لأن الاصلاح يبدأ فيك يا فاسد يالي بترمي محارم في الشارع وبتصفش على الدور.

لا شك عزيزي الاصلاحي (السابق) أنك تعرف أشخاص وأصدقاء من أصحاب العقول الراجحة نجحوا في تدريب الدماغ (هذا العضو المذهل والمطيع) على تجاوز المنطق والبديهيات وإنضموا للقطيع، فالموضوع أسهل مما تتخيل: الكحول صحيح غالي لكن بديله المحلي متوفر بسعر معقول، الزنكس بتشتريه من أحلى صيدلية مثل الملبس، عندك طبعاً خيار انك تفتح شركة صغيرة وتغرق بالعمل الجاد لدرجة لا يعود معك وقت تفكر بالسخافات وتصبح أحلامك محصورة بانه جوجل أو حتى ارامكس تشتريك، برضه كمان إذا إنت فاعل الكترونيا بتقدر اتدبر واسطة منيحة وتشتغل في مكتب الملكة الاعلامي وبتصير من جماعة "كول كوين" على فيسبوك وتويتر ولا أزعم خروف، بدل ما إنت مقضيها غروبات ثورية ولينكات فارطة.

خيار الاصلاحي الثاني: انك تلم جميداتك أو ملوخياتك أو شبسوباسطاتك أو أي أكلة شعبية تشتهر فيها حارتكم وتلاقيلك أي بلد تعيش فيه بحد أدنى من الحياة الكريمة. هنا أيضاً خيارات واسعة وإن تطلب تحقيقها بعض الوقت: قدم هجرة على كندا أو أستراليا أو السويد، العالم قرية صغيرة والشاطر بلاقي شغل وين ما كان، اطلع كمل ماسترز و من هون لسنتين بفرجها الله وبتظل هناك، تعلم صيني وروح إشتغل مراسل قناة إخبارية بتايوان، دبر واسطة إلهية واطلع بعثة دبلوماسية.

هنا طبعاً قد تصطدم بما قد يظهر لك بأنه عائق في وجه راحة راسك والسعادة الأبدية في المهجر. العائلة والاصدقاء ومشكلة تربية الأولاد في بيئة غريبة عن عاداتنا وباقي الاسطوانة. عزيزي الاصلاحي (السابق) طمن بالك بأن هاتان الحجتان من مخلفات حقبات سابقة. بالنسبة للعائلة فيمكن إستبدال الساعتين زمان إلي بتقضيهم مع أهلك كل أسبوع بحديث متلفز على سكايب، بل على العكس هناك إحتمال كبير أن تزيد من الإتصال بأهلك وخالاتك وعماتك على أساس انك بعيد عنهم، مقارنة مع انك هون بتقنع حالك انك قريب عليهم وممكن تشوفهم بأي وقت وبالتالي بتصفي لاشفت ولا حكيت مع حدا منهم من العيد الكبير. واقعياً عندما تبدأ بتكوين أسرة وتقضي 12 ساعة يومياً في الشغل سواء هون أو هناك فسوف تكون محظوظ إذا طلعلك يوم بالاسبوع تشوف في مرتك، فإنساك من موضوع الأصحاب.

أما الاسرة فتأكد بأن فرص أولادك في حياة سعيدة ومثمرة ستتضاعف عشرات المرات في بيئة خارج الاردن، فإذا الولد كان ذكي بروح بعثة على أحسن جامعات العالم ويتم احتضانه بدل ما ينتحر في التوجيهي بعدين تصير تشحدلو مقعد، وإذا كان عند البنت أي نوع موهبة من تلك التي نعتبرها تضييع وقت مثل الرسم والموسيقى والرياضة فيتم احتضانها وقد تستطيع أن تحترف ما تحب وتصبح موهبتها مصدر دخلها، أما الأخلاق والقيم فهون بيجي دور الأهل، يعني أقل ما فيها راح تضطر انك تشتغل مع ولادك خطوة خطوة لأنه ما في فلبينية ولا حارات ترميهم فيها. يعني بإختصار البيئة الغريبة عن عاداتنا هي البيئة هون مش هناك. وهيك عزيزي الاصلاحي (السابق) بتحتفظ بصورة حلوة رومانسية عن أرض الوطن وبتصير تحط جسر عبدون بروفايل بيكتشر، وتحضر التلفزيون الاردني ستريمٍنغ واتدمع، وتتوحم على شاورما، لحد ما تضطر تنزل على البلاد اسبوعين كل سنتين، فبتشوف أهلك وبتاكل شاورما وبتقرف حياتك من رابع يوم وبتحمد ربك انك نفدت. فالحياة قصيرة والانسان بعيش مرة وحدة، واضح إنه ما إلها حل عن قريب

خيار الاصلاحي الثالث (لغايات إكمال القائمة): تنساك من فكرة الاصلاح وتنتظر (أو تعمل، حسب رغبتك بالمغامرات) تطور الظروف الموضوعية لرفع سقف المطالب فوق الاصلاح (إلي عمره ما راح ييجي، لا من فوق ولا من تحت)، ومن الواضح أن نضوج الظروف الموضوعية يحتاج إلى مدة طويلة كافية لأن تنجلط أو يتخبط على راسك، أيهما أولاً


10 comments:

7aki Fadi said...

لحد ما تضطر تنزل على البلاد اسبوعين كل سنتين، فبتشوف أهلك وبتاكل شاورما وبتقرف حياتك من رابع يوم وبتحمد ربك انك نفدت

HAHAHA.

Ahmad said...

إنّهم يرونه بعيداً ونراه قريباً

مواطن من كوكب الأرض said...

من الاخر
وينك من زمان

ola said...

Brilliant!! Just brilliant

Anonymous said...

omg sho true, wala kelmeh 3'ala6, kollo sa7 ya m3allem

rofl @ Canada and Australia, you've been living in people's head, or you were listening to their bullshit a lot..

i think the second one ..

Sameer said...

Greatest post ever, Well said abu shreek :)

A fan of your blog said...

Like always..awesome post!
Now could you pleeeease not disappear like you did and update your blog more frequently?

Anonymous said...

Social Media Guru
HAHAHA!!!!!!!!!!!!

We have a lot of those,maybe someday they will get the call from the cool department-office

Great stuff,this is coming from a previous blogger,who took option number 4 : Feeding the family comes first,leave to the Gulf

زيزو said...

رائع ابو شريك راااااااااائع!

فاعل خير said...

Nepal is a great option too ;)

check the photos =D